عمر رضي الله عنه لسارية «١» :«الجبل الجبل» «٢».
[سورة الحجر (١٥) : آية ٨٥]
وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (٨٥)
قوله: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [٨٥] قال:
حكى محمد بن الحنفية عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [٨٥] قال: هو الرضا بلا عتاب «٣». وقال سهل: بلا حقد ولا توبيخ بعد الصفح، وهو الإعراض الجميل.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٩١ الى ٩٢]
الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١) فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢)
قوله تعالى: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ [٩١] قال: ظاهر الآية ما عليه أهل التفسير وباطنها ما أنزل الله تعالى من أحكامه في السمع والبصر والفؤاد وهو قوله تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا [الإسراء: ٣٦] فأعرضوا عن العمل به ميلاً إلى دواعي نفس الطبع. قوله تعالى: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [٩٢] قال: هذه الآية فيها خصوص فإن من هذه الأمة من يحشر من القبر إلى الجنة لا يحضر الحساب ولا يشعر بالأهوال وهم الذين قال الله تعالى: أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ [الأنبياء: ١٠١] وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إن أولياء الله يخرجون من قبورهم إلى الجنة لا يقفون للحساب ولا يخافون طول ذلك اليوم، أولئك هم السابقون إلى الجنة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [المائدة: ١١٩] ».
[سورة الحجر (١٥) : آية ٩٤]
فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤)
قوله تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ [٩٤] أي أظهر القرآن في الصلاة بما أوحينا إليك. قيل:
ما الوحي؟ قال: المستور من القول، قال الله تعالى: يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ [الأنعام: ١١٢] أي يسر بعضهم إلى بعض وقد يكون بمعنى الإلهام كما قال تعالى: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ [النحل: ٦٨] يعني ألهم النحل.
قوله: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ [٩٧، ٩٨] أي صلِّ لله تعالى واذكره، فكأن الله تعالى قال له: إن ضاق صدرك بقرب الكفار بكذبهم، بما وصفوا لك من الضد والند والشريك بجهلهم وحسدهم، فارجع إلى مشاهدتنا وقربنا بذكرنا، فإن قربك فينا، وسرورك بذكرنا ومشاهدتنا، واصبر على ذلك، فإن رضاي فيك. وقد حكي أن موسى عليه السلام قال: إلهي دلني على عمل إن أنا عملته نلت به رضاك. قال: فأوحى إليه: يا ابن عمران، إن رضاي في كرهك ولن تطيق ذلك. قال: فخر موسى عليه السلام ساجداً باكياً، وقال: إلهي خصصتني منك بالكلام، فلم تكلم بشراً قبلي، ولم تدلني على عمل أنال به رضاك.
فأوحى الله تعالى إليه: إن رضاي في رضاك بقضائي.
(٢) كشف الخفاء ٢/ ٥١٤- ٥١٥ وفضائل الصحابة ١/ ٢٦٩ والإصابة ٣/ ٥، ٦.
(٣) قوت القلوب ١/ ٣٩٣.