بل قد يضاف المصدر من جهة كونه اسماً كما تضاف سائر الأسماء، وقد يضاف إلى محله وزمانه ومكانه وسبب حدوثه وإن لم يكن فاعلاً، كقوله: ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ ولا ريب ان بين المعبود من دون الله، وبين ضرر عابديه تعلق يقتضي الإضافة".
هذا التخريج الذي ذكره الإمام هو بعينه الذي يقوله البلاغيون في هذا النص الكريم وفيما ماثله، وكل ما في الأمر أن البلاغيين يسمونه مجازاً اسنادياً أو حكمياً، والإمام يتوقف عن هذه التسمية، والتسمية لا تأثير لها على حقيقة المسمى: سلباً أو إيجاباً وقد فطن الإمام إلى أن النسب الإضافية مثل النسب الوقوعية والنسب الإيقاعية في العلاقات الإسنادية، وهذا موضع اتفاق عند البلاغيين في مبحث المجاز الحكمي.
كما أن الإمام ذكر من علاقات هذا المجاز ثلاثاً: هي المكانية والزمانية والسببسة، وطبق علاقة السببية على الآية الحكيمة فأجاد وأصاب، فالضر الواقع على عابدي الأصنام هو فِعلُ الله وحده. أما اضافته إلى ضمير الصنم فلأن الله أضر المشرك بسبب عبادته لمن دونه.
وصفوة القول: أن الإمام ابن تيمية مقر بالتأويل المجازي وإن لم يسمه مجازاً. وأنه أتخذ منه وسيلة للدفاع عن سلامة العقيدة، وتبرئة ساحة كتاب الله العزيز من المطاعن.
واستشهاده بآية ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ والتنظير بينها وبين آية ﴿يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ﴾ يتسق تماماً مع مجوزي المجاز من بلاغيين وأصوليين ومفسرين.
وقد حلل الإمام نصوصاً شرعية أخرى على هذا المنوال، منها قول الخليل


الصفحة التالية
Icon