التي دبجوها؟ أو كانوا كاذبين؟.
وما هو موقف المؤمن الصادق الإيمان منها؟ أيقول: إن فرعون كان صادقاً، فيما حكاه عنه القرآن الكريم من أقوال ومزاعم؟ كيف والقرآن نفسه كرَّ عليها فنفاها، فقال في قوله اليهود والنصارى: ﴿ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ وقال معقباً على عدوى المنافقين ﴿وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ﴾.
ونعود فنقول: إن الشيخ لم يحدد ما هو مراده من النفي الذي لا يجوز في القرآن؟ فإن كان أراد أننا لا نقول على شيء في القرآن أنه ليس قرآناً فنحن وكل المؤمنين معه. وإن أراد لأن بعض المعاني التي في القرآن لا يجوز نفيها ويجب اعتقاد الصدق فيها فهذا القول في حاجة إلى مراجعة وقد بينا الدليل.
وأما المقدمة الثانية "كل مجاز يجوز نفيه" فإن الشيخ أخذ هذه الجملة على ظاهرها، وأهمل تفسير الأصوليين لها، وهو بلا نزاع قد وقف عليه وهذا مما يدعو إلى العجب.
فالأصوليون حين قالوا: من علامات المجاز أنه يجوز نفيه. وقال لهم المعارض: إن المجاز كذب إذن. أجابوا على قول المعارض بجواب مقنع جداً فقالوا:
حين نقول للبليد حمار، وللشجاع أسد يصح أن يقال: ليس هو بحمار وإنما هو إنسان، وليس هو بأسد وإنما هو رجل. وهذا من إمارات المجاز عندنا، ولكنه لا يحيل المجاز إلى كذب؛ لأن هذا النفي منصب على "إرادة الحقيقة" لا على المعنى المجازي: يعني ليس هو حماراً حقيقة ولا أسداً حقيقة. والمجازي حين يقول عن البليد إنه: حمار، وعن الشجاع إنه: أسد لا يريد لهما حقيقة الحمارية والأسدية، وإنما يكون المجاز كذباً لو صح انصباب النفي على المعنى المراد، فصح نفي البلادة والشجاعة. وهذا غير وارد قطعاً.
وباختصار نقول: إن المقدمتين اللتين اعتمد عليهما الشيخ في الاستدلال


الصفحة التالية
Icon