الإعراب ترتب عليه تغيير المعنى فأصبحت القرية معه "مسئولة" وكان المسئول فيما لو لم يغير إعرابها هو أهلها لا هي.
وهذه الآية لفتت نظر الرواد منذ عهد سيبويه، وكان لها فضل كبير في تنشئة المجاز وتطوره، ولكن الشيخ رحمه الله بعد خمسة عشر قرناً يريد أن يعكس مسيرة الفلك، وهذا شيء فات أوانه.
جناح الذل:
ويذهب الشيخ إلى أن الذل جناح كجناح الطائر من حيث يرى أن الجناح المضاف للذل حقيقة كالجناح المضاف للطائر. وهذه مماحكات لفظية فالذل معنى وقصد، وصورة معقولة، وليس بهيكل ولا جسم، وقد اغرى الشيخ أن يقول: أن جناح الذل حقيقة لا مجاز آيات من القرآن الكريم أضيف فيه الجناح لغير ذي جناح، مثل قوله تعالى: ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وأقوال وردت عن العرب مثل قولهم:
وأنت الشهير بخفض الجناح
فلاتك في رفعه أجدلا
والشيخ - رحمه الله - حفظ شيئاً وغابت عنه أشياء. فليست دلالة الجناح على "الجنب واليد" كدلالة الجنب على الجنب واليد على اليد فالجناح في قوله تعالى: ﴿وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾ غير الجناح في قوله سبحانه: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ..﴾ والدليل على ذلك أن القرآن الكريم يستعمل الجناح في مواضع، واليد في مواضع، والمواضع التي يستعمل فيها "اليد" مطلوب فيها دقة الضبط لأنها موارد للأحكام الشرعية.
ففي بيان حد السرقة جاء في التنزيل المحكم: ﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾، ولم يقل


الصفحة التالية
Icon