المجاز المرسل:
ورود التأويلات المجازية المندرجة تحت صور المجاز المرسل كثرت في الأضواء كثرة مستفيضة ويريد تأويل الشيخ لها ما للمجاز من دور جليل الشأن في لغة العرب عامة، وفي البيان القرآني خاصة، وأنه لولا المجاز لاستغلق على الأفهام قسط كبير من القرآن العظيم، وبخاصة في مجالات الأحكام، وفيما يلي نذكر نماذج متعددة من أقوال الشيخ فيها رحمه الله رحمة واسعة.
وآتوا اليتامى أموالهم:
هذا خطاب من الله لأوصياء اليتامى بإعطائهم أموالهم التي كانوا يقومون على رعايتها، والأوصياء إنما صاروا أوصياء بتحقيق وصف اليتم فيمن هم أوصياء عليهم. وتستمر الوصاية ما دام اليتم. فإذا زال اليتم زالت.
لذلك كان في هذه الآية أشكال حيث أمرت الأوصياء أمراً مطلقاً أن يؤتوا اليتامى أموالهم. وهذا - بحسب الظاهر - مناف لحكمة التشريع من نصب وصي على مال اليتامى.
لذلك يقول الشيخ رحمه الله: "أمر الله تعالى في هذه الآية الكريمة بإيتاء اليتامى أموالهم، ولم يشترط هنا شرطا في ذلك؛ ولكنه بين بعد هذا أن هذا الإيتاء مشروط بشرطين:
الأول: بلوغ اليتامى، والثاني: إيناس الرشد منهم، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ وتسميتهم يتامى في الموضعين إنما هي باعتبار يتمهم الذي كانوا متصفين به قبل البلوغ. إذ لا يتم ذلك إلا بعد البلوغ إجماعاً".