وليت الأمر وقف عند هذا الحد، ولكن بعض الخلف المتوسعين في التأويل رموا السلف - فيما حكاه الإمام ابن قيم الجوزية - بعدم الفهم، حيث رأوا أن مذهب السلف هو مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه ولا فهم لمراد الله ورسوله منها، واعتقدوا أن السلف بمنزلة الأميين الذين قال الله فيهم ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيّ....﴾
وهذا بلا نزاع تظاول على علماء السلف الأبرار، وطعن للمة في واحدٍ من أخطر مقاتلها، فلمذهب السلف وزنه وتقديره وهم من أهل القرون الأولى التي وصفها الصادق المصدوق - ﷺ - بالخيرية.
هذه العوامل هيى التي دعت شيخ الإسلام بن تيمية لإنكار المجاز، وبشدة لم يعرف لها من قبله مثيل.
موطن إنكار المجاز عن شيخ الإسلام: _
وعلى كثرة ما كتب الإمام ابن تيمية فإننا نراه تصدى لإنكار المجاز - بتوسع - في كتابه الموسوم بـ "الإيمان" وكان السبب المباشر لهذا الإنكار هو إبطال مذهب المرجئة والجهمية والكرامية في تحقيق معنى الإيمان.
وكان هؤلاء يقولون: إن الأعمال الصالحة لا تدخل في حقيقة الإيمان، بل الإيمان هو الاعتقاد وأما الأعمال الصالحة فإطلاق الإيمان عليها من باب المجاز.
ولا سبيل الآن لذكر كل ما قاله الإمام في إنكار المجاز، لذلك نكتفي بذكر الدعائم التي بني عليها الإنكار وأفاض في بيانها ما أفاض. تلك الدعائم هي: -


الصفحة التالية
Icon