وفي سياق تفسير معنى استواء الله ووجهه ويده ونزوله وعروجه يورد الزمخشري الأبيات المشهورة:
وجماعة سموا هواهم سنة | لجماعة حمر لعمري مؤكفة |
قد شبهوه بخلقه وتخوفوا | شنع الورى فتستروا بالبلكفة «١» |
وجماعة كفروا برؤية ربّهم | حقا ووعد الله ما إن يخلفه |
وتلقبوا الناجين كلا إنهم | إن لم يكونوا في لظى فعلى شفه |
ويحمل الزمخشري على الأشاعرة في سياق تفسير جملة وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ [الحج: ٣]، فيقول وما أرى رؤساء أهل الأهواء والبدع والحشوية المتلقبين بالإمامة في دين الله إلا داخلين تحت هذا دخولا أوليا، بل هم أشد الشياطين ضلالا وأقطعهم لطريق الحق حيث دونوا الضلال تدوينا ولقنوه أشياعهم تلقينا وكأنهم ساطوه بلحومهم ودمائهم.
ويندد بخصومه في صدد تفسير جملة فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ [البقرة: ٢٨٤] فيقول إن أهل الأهواء والبدع يتصامون عن آيات الله فيخبطون خبط عشواء ويطيبون لأنفسهم بما يفترون على ابن عباس في قولهم هذا، وإن انتظار
(١) منحوتة عن جملة «بلا كيف» يعني أن الأشاعرة يقولون إن الله استوى إلى العرش ولكن دون أن يعرف أحد كيفية هذا الاستواء.