الزعم أن إنكار الباطن في القرآن كفر «١».
ووصل بهم الشطط إلى صرف كل ما ورد في القرآن من أسماء الله الحسنى وصفاته وغضبه وأسفه إلى الأئمة. وكل ما ورد فيه من وصف للكافرين والمنافقين والمشركين ومن لعنة وتنديد بالكفار والمنافقين والمشركين وإنذار لهم بعقوبة الدنيا والآخرة إلى كبار أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، باستثناء بضعة منهم كانوا بزعمهم موالين لعلي رضي الله عنه فقط، ثم إلى سائر من كان مواليا للخلفاء الراشدين الثلاثة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم إلى كل من والاهم من المسلمين من لدن عهد الخلفاء إلى اليوم. وإلى زعم كون أسماء علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة مكتوبة على عرش الله قبل خلق الناس وأن الله إنما أمر الملائكة بالسجود لآدم لأن أنوارهم كانت متلألئة على جبينه، وأن أنبياء الله الأولين كانوا يتوسلون بهم في الملمات وأنهم معصومون وأنهم يتلقون الوحي عن الله مباشرة خلافا للأنبياء الذين كانوا يتلقونه بالواسطة مما فيه معنى تفضيلهم عليهم، وأن الله يحل فيهم دورا بعد دور وأن عليا هو النبي بل هو الإله والعياذ بالله.
وقد تجرأوا على رسول الله وعلى علي وأولاده. فوضعوا على ألسنتهم الأحاديث الكثيرة جدا بسبيل تأييد أقوالهم ومذاهبهم، يبرز عليها التزوير والكذب فحوى وأسلوبا ومناسبة، وأنكروا كل حديث يروي خلاف ما يقولون ولو كان واردا في كتب الصحاح. وقرروا أنه لا يجوز ولا يصح حديث لم يروه أئمتهم وأنهم هم تراجمة القرآن الذين هم أدرى بما فيه لأنهم أهل البيت الذي نزل فيه وأنه لا يجوز لأحد أن يتلقى التفسير أو يفسر القرآن بدون أحاديثهم المذكورة. فجعلوا

(١) يستند القائلون بذلك والذين يفسرون القرآن تفسيرا باطنيا إلى حديثين معزوين إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منهما واحد مرسل أخرجه الغرياني عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لكل آية ظهر وبطن ولكل حرف حد ولكل حد مطلع». وثان أخرجه الديلمي مرفوعا إلى رسول الله جاء فيه:
«القرآن تحت العرش له ظهر وبطن يحاج العباد». ( «التفسير والمفسرون» لمحمد حسين الذهبي، ج ٢، ص ١٩) ولم يرد أي من الحديثين في كتب الحديث المعتبرة. وعبارتهما لا يمكن أن تبعث أي طمأنينة بصدورهما عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.


الصفحة التالية
Icon