اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ حتى بلغ: ما لَمْ يَعْلَمْ» «١». ونزول هذه الآيات ليلا وفي رمضان مؤيد بآيات قرآنية منها آية سورة البقرة هذه: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ [١٨٥]، وآية سورة الدخان هذه: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣)، وآية سورة القدر هذه: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١).
والأمر بالقراءة قصد به تلاوة ما يلقى إليه كما قصد به تنبيهه صلّى الله عليه وسلّم إلى المهمة العظمى التي انتدب إليها، وتعليمه أن يجعل الله هو الفكرة الرئيسية التي تشغل ذهنه، وأن يذكره في كل أمر من أموره دون سواه كما هو المتبادر.
وفي هذا تلقين جليل مستمر المدى وشامل للناس جميعا بالانصراف عما سوى الله، وبالارتفاع بالنفس الإنسانية إلى أفق لا تتأثر فيه بقوى الدنيا ومخاوفها، ولا ترتبط في حياتها ومعايشها ومطالبها وآمالها بغير الله الربّ الأكرم.
مغزى التنويه بالقراءة والكتابة والعلم في أول ما نزل من القرآن
والآيات إلى هذا تنطوي على تنويه بالقراءة والكتابة والعلم، وبالإنسان الذي اختص وحده بالقابلية لهذه النعم، وبدء القرآن بذلك يزيد في قوة هذا التنويه، فكأنما أريد جعل هذه النعم في مقدمة نعم الله التي أنعمها على الإنسان، وفي مقدمة ما يجب على الإنسان أن يشكر الله عليه ويسعى في اكتسابه.
والقرآن على هذا الاعتبار أعظم وأقوى، وأول داع ديني إلى العلم والقراءة والكتابة. وتعبير الإنسان شامل للذكر والأنثى على السواء، وهكذا تكون الدعوة القرآنية شاملة جنسي الإنسان.