في آخر السورة واردا وربط ذلك أول السورة بآخرها. وفي هذا إن صح صورة من صور النظم القرآني. وجملة وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ قد تجعل كون (النون) اسما للدواة واردا أيضا للتناسب الظاهر. وتعدد السور التي تبتدئ بحرف أو حروف هجائية يتبعها قسم قد يجعل القول إن حرف النون مثلها واردا أيضا، وقد يكون ما احتوته الآيات الخمس الأولى من سورة العلق أول القرآن نزولا وما احتواه مطلع السورة من مماثلة موضوعية، حيث أمر في الأولى بالقراءة ونوه بالقلم وما علمه الله للإنسان وحيث أقسم في الثانية بالدواة والقلم والكتابة. وهي يَسْطُرُونَ مع حديث أبي هريرة الذي فيه تفسير نبوي للنون بالدواة والذي لا مانع من صحته كل هذا يجعل الرجحان لهذا أكثر.
وإذا صح هذا الترجيح فيكون مطلع السورة الذي من المحتمل أن يكون نزل بعد الآيات الخمس الأولى من سورة العلق توكيدا لما احتوته هذه الآيات الخمس في صدر تلقين القرآن منذ بدء تنزيله بخطورة القراءة والكتابة والعلم والتعليم في حياة الإنسان وكرامته.
استطراد إلى ما عرف في كتب التفسير بالإسرائيليات وتعليق عليها
وسياق الرواية الطويلة التي نقلناها عن البغوي معزوة إلى (الرواة) يفيد أن كعب الأحبار هو المعني بالرواة أو هو منهم. وهذا الرجل من اليهود الذين أسلموا في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم وخلفائه الراشدين واندمجوا في المجتمع الإسلامي، وقد روى عنه وعن رفاقه مثل عبد الله بن سلام ومحمد القرظي وثعلبة ونوف البكالي وأبناء منبه روايات كثيرة على هامش الألفاظ والأعلام والقصص والمشاهد القرآنية فيها مثل ما في هذه الرواية من إغراب وخيال. وقد وصفها علماء المسلمين بالإسرائيليات التي تتضمن معنى التشكيك وعدم الثقة فيها.
ولقد كان عند اليهود أسفار وقراطيس فيها شرائعهم وأخبار أجدادهم