إلى التصدق على الفقراء وإطعام المساكين ونعي على شدة حب المال والتكالب عليه على ما شرحناه في سورة العلق.
تعليق على مفاوضات وعروض زعماء قريش على النبي صلّى الله عليه وسلم
وآية وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ [القلم/ ٩] «١» صريحة بأنها تحكي رغبة بعض الزعماء في ملاينة النبي صلّى الله عليه وسلّم معهم ومجاراته لهم حتى يقابلوه بالمثل. وقد ذكر بعض المفسرين أنهم طلبوا منه ذكر آلهتهم بالخير أو السكوت عنها، حتى يستمعوا إليه ويجاروه في بعض ما يطلب. ومن الجدير بالذكر في هذه المناسبة أن هذا لم يبق وحيدا. بل تكرر في ظروف عديدة في العهد المكي، على ما أشارت إليه بعض الآيات وروته بعض الروايات مما فيه صورة خطيرة من صور السيرة النبوية في هذا العهد.
ولقد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم منذ البدء- وظل- شديد الحرص على هداية قومه شديد الحزن من انقباضهم عن دعوته وبخاصة الزعماء، لأنهم يسدون الطريق أمام السواد الأعظم من العرب على ما ذكرناه قبل قليل. فكان بعض الزعماء يستغلون هذه العاطفة ويعرضون عليه مباشرة أو بواسطة عمه أبي طالب بعض العروض والاقتراحات بسبيل تبادل الملاينة والمسايرة.
من ذلك ما تضمنت الإشارة إليه آيات سورة الإسراء هذه: وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (٧٣) وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا (٧٤)، وقد روى المفسرون «٢» في صددها روايات عديدة، منها أن فريقا من زعماء قريش اقترحوا عليه السكوت عن شتم آلهتهم وتسفيه أحلامهم ليحاسنوه ويسايروه. ومنها أنهم طلبوا منه الإبقاء على
(٢) المصدر نفسه.