الانذارات التي احتوتها الآيتان. من ذلك آية سورة الكهف هذه: وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (٥٨)، وآية سورة فاطر هذه: وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً (٤٥).
وهناك حديث يرويه الشيخان والترمذي وأبو داود يصح أن يساق في هذا المقام عن أبي موسى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» «١».
ويتبادر من ذلك كله أن حكمة الله تعالى اقتضت أن يمنح الكفار والمكذبون والبغاة الفرصة لعلهم يرتدعون ويرعوون فإذا أضاعوها واستمروا في غيهم وبغيهم استحقوا النكال في الدنيا أو في الآخرة أو في الدنيا والآخرة معا حسب مشيئة الله تعالى. وجملة: وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ [٥٨] في آية الكهف ذات دلالة جليلة في المدى المتبادر.
والآيات في ذات الوقت تسجيل للحالة التي كان عليها الكفار المكذبون حين نزولها، ومن المعلوم اليقيني أن كثيرا منهم قد آمن بعد نزولها قبل الفتح المكي أو بعده فظهر مصداق حكمة الله المتبادرة، والله تعالى أعلم.
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ٤٦ الى ٤٧]
أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧)
. (١) المغرم: التكليف المالي أو الدين أو المخسر.
(٢) يكتبون: هنا بمعنى يقضون أو يقررون ما يريدون.
والآيتان أيضا استمرار في السياق، والخطاب فيهما موجه إلى النبي صلّى الله عليه وسلم