كذلك. وقد جاءتا بأسلوب التساؤل عما إذا كان يطلب من الكفار أجرا على دعوته لهم وإرشادهم حتى يستثقلوا الطلب ويتهربوا من الدعوة تفاديا من المغرم والخسارة أو عما إذا كانوا مطلعين على غيب الله أم بيدهم أمر المستقبل، فيقررون لأنفسهم ما يشاؤون حتى يبدو منهم هذا الاطمئنان إلى العاقبة.
نفي طمع النبي صلّى الله عليه وسلّم في أجر على رسالته:
وأسلوب الآيتين منطو على التنديد بالمكذبين على تصاممهم عن الدعوة وعدم مبالاتهم، كما هو منطو على الإنذار كما هو المتبادر. كذلك فإنه منطو على نفي طلب النبي صلّى الله عليه وسلّم أو طمعه في أجر أو مكافأة على مهمته العظمى، وقد تكرر في القرآن أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بإعلانه ذلك في معرض الدعوة والتنديد، ثم في معرض التدليل على صدق الدعوة والإخلاص لها إخلاصا مجردا من أي غاية خاصة إلّا واجب القيام بأمر الله ورغبة هدايتهم إلى الله ومكارم الأخلاق، وتأمين أسباب السعادة لهم في الدنيا والآخرة وإنذارهم بالعواقب الوخيمة لعدم استجابتهم مثل آيات سورة سبأ هذه: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٤٦) قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٤٧) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (٤٨) قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (٤٩). وآية سورة الفرقان هذه: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا (٥٧).
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ٤٨ الى ٥٠]
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨) لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩) فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠)
[٥٠- ٤٨].
(١) صاحب الحوت هو النبي يونس كما ذكرت ذلك آيات أخرى بصراحة.


الصفحة التالية
Icon