بلهزميه ثم يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ [آل عمران/ ١٨٠] «١». مما ينطوي فيه كذلك تساوق مع العناية والخطورة اللتين أعارتهما حكمة التنزيل للزكاة.
وفي القرآن آيات عديدة تنبه المسلمين بل والناس جميعا إلى أمر هام وهو أن ما في أيديهم من مال هو مال الله الذي رزقهم إياه وجعلهم مستخلفين فيه ليكون في ذلك تلقين جليل هو أنهم وكلاء على هذا المال وأن صاحبه الأصلي هو الله وهو الذي يأمرهم بالإنفاق منه فليس لهم من جهة منة على أحد فيما ينفقون وليس لهم من جهة أخرى حق في الامتناع عن الإنفاق. من ذلك آية سورة الحديد هذه: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (٧)، وآية سورة النور هذه: وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ [٣٣]، وآية سورة البقرة هذه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ [٢٥٤].
والزكاة ضريبة سنوية على رأس المال وليست على الربح بالنسبة للنقود والعروض والمواشي والأنعام وعلى جميع الغلات الزراعية غير الصافية. وبكلمة أخرى إن المعوزين المفتقرين إلى المعونة حقا يستحقون في كل سنة جزءا معينا من كل ذلك واجب الأداء في كل سنة جزءا معينا من رؤوس الأموال التي في أيدي الناس يبلغ مقداره اثنين ونصفا من المائة بالنسبة للنقود والعروض وعشرة من المائة بالنسبة للغلات الزراعية ونحوا من ذلك بالنسبة للمواشي. وهو مقدار لم تصل الأمم الحديثة التي تقرر حصة من مواردها للإنفاق على المعوزين إلى مثله.
وننبه على أنه ليس هناك ما يمنع أن ينفق هذا المورد الكبير أو قسم منه على

(١) المصدر السابق ج ٢ ص ٥- ٧. [.....]


الصفحة التالية
Icon