عجب الذنب ومنه يركّب الخلق يوم القيامة» «١».
ومنها أحاديث أوردها المفسرون في سياق السور التي ذكر فيها الصور رواها أئمة حديث آخرون وهي إجمالا من باب الأحاديث السابقة وصحتها محتملة. منها حديث رواه الطبري في سياق تفسير جملة إن هي: إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ [ص/ ١٥]، عن أبي هريرة قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنّ الله لمّا فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر قال أبو هريرة يا رسول الله وما الصور؟ قال:
قرن. قال: كيف هو؟ قال: قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات نفخة الفزع الأولى والثانية نفخة الصعق والثالثة نفخة القيام لربّ العالمين. يأمر الله اسرافيل بالنفخة الأولى فيقول انفخ نفخة الفزع فيفزع أهل السموات والأرض إلّا من شاء الله ويأمره الله فيديمها ويطوّلها فلا يفتر وهي التي يقول الله: وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ [ص/ ١٥] «٢»
.
وما دام النفخ في الصور والنقر في الناقور قد ذكر في القرآن مع شيء من البيان في أحاديث نبوية صحيحة فمن واجب المسلم الإيمان بذلك مثل سائر المشاهد الأخروية التي ورد خبرها في القرآن والحديث الصحيح. وهذا لا يمنع القول إن حكمة التنزيل كما اقتضت أن تكون المشاهد الأخروية الأخرى من حساب ونعيم وعذاب مما هو مألوف في الدنيا من صور وبعبارات من بابها على ما ذكرناه في تعليقنا على الحياة الأخروية والجنة والنار في سور الفاتحة والقلم والمزمل اقتضت أن تكون دعوة الناس حين بعثهم من قبورهم وحشرهم يوم القيامة حينما تقترن مشيئة الله بذلك بأدوات وأساليب مألوفة في الدنيا من حيث أن الناس اعتادوا الضرب على الطبول والنفخ بالأبواق والقرون والنقر على الأدوات المصوتة

(١) المصدر السابق نفسه.
(٢) هناك أحاديث أخرى رواها المفسرون في صدد الاستثناء الوارد في آيتي سورتي النحل والزمر سنوردها في مناسباتهما.


الصفحة التالية
Icon