وقد روي «١» أن هذه الآيات نزلت في حق الوليد بن المغيرة.
ومما روي «٢» أن هذا قال: إذا كان محمد صادقا فيما يصف فإن الجنة لم تخلق إلّا لي ولأمثالي فنزلت الآيات مقرعة مكذبة لأمله في زيادة نعم الله عليه وإدامتها في الآخرة.
وهذه الآيات تؤيد ما نبهنا عليه من الدلالات في سياق السور السابقة من أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أخذ يلقى منذ بدء البعثة صدّا وعنادا من زعماء قريش وأثريائهم، وأن التشاد أخذ يستمر بينه وبينهم منذ عهد مبكر ثم استمر، مما فيه دلالة على استمرار النبي صلّى الله عليه وسلّم في اتصاله بمختلف طبقات قريش وزعمائهم بسبيل مهمته، وعلى عدم قطعه الصلة بالمرة بينه وبينهم على ما رجحناه في مناسبة سابقة أيضا.
وفي الآيات تلقين مستمر المدى: فالإنسان الذي يسبغ الله عليه نعمه الكثيرة فيقويه ويغنيه ويعلي جاهه وشأنه حري بأن يكون أولى الناس بالاعتراف بفضله والقيام بما يأمره به من واجبات نحوه ونحو خلقه.
[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ١٨ الى ٢٥]
إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢)
ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقالَ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هذا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥)
. (١) إنه فكر وقدر: بمعنى استنتج وحسب بعد التفكير.
(٢) قتل: دعاء بمعنى قاتله الله.
(٣) بسر: تجهم.
(٤) سحر: أصل معنى الكلمة إزالة الشيء أو صرفه عن موضعه. ومن

(١) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري والآلوسي.
(٢) انظر تفسير الآيات في تفسير الكشاف للزمخشري.
الجزء الأول من التفسير الحديث ٢٩


الصفحة التالية
Icon