لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ
(٢)، ومثل ما جاء في آية سورة الفرقان هذه: أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً (٨)، كما أنه ورد في القرآن آيات عديدة ذكر فيها السحر في غير معرض الدعوة النبوية مثل ما جاء في سورة البقرة هذه: وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [١٠٢]. وأكثر ما ورد في معرض الدعوة قد ورد في حكاية مواقف حجاج الكفار خاصة في موضوع البعث بعد الموت وجحوده، حيث يفيد هذا بطبيعة الحال أن السحر كان معروفا في بيئة النبي صلّى الله عليه وسلّم وعصره، وأن من المحتمل- إن لم نقل من المحقق- أنه كان في بيئة النبي وعصره سحرة يرجع إليهم الناس في قضاء مطالبهم ورغباتهم «١».
والآيات القرآنية يمكن أن تفيد أن مفهوم السحر عند العرب هو أعمال خارقة تقع على أيدي أشخاص ذوي مواهب وبراعة وقوى فوق العادة فيرى الناس بتأثيرها ما لا يرى في العادة، ويسمعون ما لا يسمع في العادة، ويحسون ما لا يحس في العادة وتحدث أمور لا تحدث في العادة أيضا. ويمكن أن تفيد أيضا أن من العرب من كان يظن أن السحر وأعمال السحر تخييلات أكثر منها وقائع حقيقية مما انطوى في آية سورة الأنعام هذه: وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧)، وفي آية سورة هود هذه: وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧)، وفي آيات سورة الحجر هذه: وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥)، وفي آيات سورة ص هذه: وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (٥).