باتباعك» كما روى بعضهم أنهم قالوا له: «ليصبح عند رأس كل رجل منا كتاب منشور من الله أنك رسوله نؤمر فيه باتباعك» «١». ولقد حكت إحدى آيات سورة الإسراء ذلك عنهم فعلا في مناسبة أخرى كما ترى فيها: أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا (٩٣).
والآية الثانية احتوت تقريرا لواقع الحال من أمرهم وسبب عدم استجابتهم بأسلوب الزجر والاستدراك وهو عدم خوفهم من الآخرة وجحودهم بها. وتلهم أنها بسبيل تسلية النبي صلّى الله عليه وسلّم.
والآيتان الثالثة والرابعة احتوتا ردا على تحدّيهم وشدة عنادهم في صورة تقرير لمهمة النبي صلّى الله عليه وسلّم التي هي تذكير وتبليغ للناس ثم تركهم لاختيارهم ومشيئتهم في الاستجابة إليها.
أما الآية الخامسة فإنها احتوت تقريرا بأن مشيئة الناس في التذكر والاستجابة منوطة بمشيئة الله الذي هو الجدير بالاتقاء والخشية والذي هو القادر على العفو والمغفرة.
ولقد روى الترمذي في سياق الآية الأخيرة حديثا عن أنس بن مالك قال:
«قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في هذه الآية هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ قال: قال الله عزّ وجل أنا أهل أن أتّقى فمن اتقاني فلم يجعل معي إلها فأنا أهل أن أغفر له» «٢».
حيث ينطوي في الحديث توضيح فيه تبشير وترغيب للمتقين.
تعليق على تعبير وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ
ولقد يبدو فيما جاء في الآية الخامسة من إناطة تذكر الناس بمشيئة الله نقض
(٢) التاج ج ٤ ص ٢٤٨.