والروايات مجمعة على أن أبا لهب هذا هو عم النبي صلّى الله عليه وسلّم وأن اسمه عبد العزى وأن امرأته هي أم جميل أخت أبي سفيان «١» والمرجح أن كنية «أبي لهب» هي كنية قرآنية على سبيل الهجو فصارت له علما.
ولقد روى الشيخان والترمذي عن ابن عباس قال: «لمّا نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء/ ٢١٤] خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى صعد الصفا فهتف يا صباحاه فاجتمعوا إليه فقال أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلا تخرج من سفح هذا الجبل أكنتم مصدقيّ؟ قالوا: ما جرّبنا عليك كذبا. قال: فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد. قال أبو لهب تبا لك ما جمعتنا إلّا لهذا، ثم قام فنزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [المسد/ ١] » «٢».
وإلى هذا الحديث الذي أورده أيضا الطبري والمفسرون الآخرون «٣» رووا روايات أخرى كسبب نزول السورة منها «أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم لما نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [٢١٤] جمع أقاربه فدعاهم إلى الإسلام فقال له أبو لهب تبا لك سائر اليوم ألهذا دعوتنا؟» ومنها: «أن أبا لهب قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم: ماذا أعطى يا محمد إن آمنت بك؟ قال: كما يعطى المسلمون. فقال: ما لي عليهم فضل. قال: وأيّ فضل تبتغي؟ قال: تبا لهذا من دين أن أكون أنا وهؤلاء سواء فأنزل الله سورة تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [١] ».
ونلحظ في صدد الرواية الأولى والثانية أنهما تقتضيان أن تكون سورة المسد نزلت بعد سورة الشعراء التي منها آية: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ مع أن الروايات مجمعة تقريبا على وضع سورة المسد كسادس سورة أو خامس سورة في ترتيب النزول بينما تأتي سورة الشعراء كرابعة وأربعين أو خامسة وأربعين في هذا
(٢) التاج ج ٤ ص ٢٦٨.
(٣) انظر تفسير النيسابوري والطبرسي وابن كثير والبغوي والخازن أيضا.