التي ينظر فيها إلى مدلول الآيات فحسب، وأما الثاني فإن النظر فيه متجه إلى مراعاة النزول فحسب، فالجواب: فليجعل هذا أيضا من باب وحدة الموضوع بين السورة والسورة من حيث زمن نزولها سابقة أو لاحقة.
ثم إن المنع إنما يتجه القول به لدى قائله إذا كان ترتيب السور توقيفيا لا دخل للاجتهاد فيه، ولكن السيوطي رحمه الله تعالى قد حكى في كتابه «الإتقان» عن جمهور العلماء أن ترتيب السور اجتهاد من الصحابة، لا وليس هو بتوقيف من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا نص عبارته (١/ ٦٢) :
«وأما ترتيب السور فهل هو توقيفي أيضا أو هو باجتهاد من الصحابة؟
خلاف، فجمهور العلماء على الثاني، منهم مالك والقاضي أبو بكر في أحد قوليه، قال ابن فارس: جمع القرآن على ضربين، أحدهما تأليف السور كتقديم السبع الطوال وتعقيبها بالمئين، فهذا هو الذي تولته الصحابة، وأما الجمع الآخر، وهو جمع الآيات في السور فهو توقيفي تولاه النبي ﷺ كما أخبر به جبريل عن أمر ربه، وما استدل به لذلك اختلاف مصاحف السلف في ترتيب السور، فمنهم من رتبها على النزول، ومصحف عليّ كان أوله «اقرأ» ثم المدثر ثم نون ثم المزمل ثم التكوير، وهكذا إلى آخر المكي والمدني.
وكان أول مصحف ابن مسعود: البقرة ثم النساء ثم آل عمران، على اختلاف شديد وكذا مصحف أبيّ وغيره، ثم ساق السيوطي رحمه الله بعد نحو صفحتين صورة عن الترتيب الذي في مصحف أبي بن كعب ومصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما.
قلت: وإذا كان الأمر في ترتيب السور في المصحف اجتهاديا، وجمهرة العلماء عليه، فلا يقوم للقول بالمنع وجه في مراعاة النزول في التفسير وفي غير المصحف.
وجاء في كتاب «فرائد فوائد قلائد المرجان، وموارد مقاصد منسوخ القرآن» للشيخ مرعي بن يوسف المقدسي الحنبلي (مخطوط عندي) ما صورته: