عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئا» «١». وهذه الأحاديث أكثر من تلك تساوقا مع الآيات لأن هذه الأعمال التي تلحق آثارها الموتى هي من كسبهم وسعيهم.
ومهما يكن من أمر هذا الاستطراد فإن المتبادر أن الآيات في أصلها وظرف نزولها المبكر قد استهدفت حضّ السامع على الإيمان والعمل الصالح، وتحذيره من عواقب الإثم والضلال وتنبيه إلى أن نجاته وشقاءه في الآخرة مرهونان بسعيه وكسبه اللذين سوف يجازى حسبهما جزاء تاما وافيا. وليس من شأن ما ورد من آثار أن تؤثر في قوة ما احتوته الآيات من ذلك.
وجملة: أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى النجم [٣٨] تكررت أربع مرات أخرى في أربع سور «٢». وفي كل المقامات جاءت في صدد كسب الإنسان لعمله ومسؤوليته عنه أمام الله تعالى. حيث ينطوي في ذلك إيذان قرآني بأن كل إنسان مسؤول عن عمله وبأن الله تعالى لا يمكن أن يحمل أحدا مسؤولية عمل صدر من غيره وحيث يمكن أن يقال إن هذا من المبادئ القرآنية المحكمة المتسقة مع مبادئ الحق والعدل التي بشرت بها الدعوة الإسلامية.
وإطلاق العبارة يجعل تلقينها شاملا بحيث يمكن أن يقال إن الله تعالى كما أنه لا يحمل أحد مسؤولية عمل صدر عن غيره وبأن كل إنسان مسؤول عن عمله أمامه فلا ينبغي لأحد أن يحمل شخصا مسؤولية عمل صدر من شخص آخر إذا لم يكن له صلة ما بهذا العمل ظاهرة أم باطنة. وإن مسؤولية أعمال الإنسان منحصرة في فاعلها.
وقد تقدم تعريف بقومي عاد وثمود في سياق تفسير سورتي الشمس والفجر.
وسيأتي بتفصيلات أخرى عنهما في مناسبات أخرى لأن قصصهما تكررت وتنوعت مضامينها في سور عديدة وليس في ما جاء عنهما في السورة جديد يتحمل تعليقا

(١) التاج ج ١ ص ٦٦- ٦٧.
(٢) الأنعام ١٦٤ والإسراء ١٥ وفاطر ١٨ والزمر ٧.


الصفحة التالية
Icon