وأسلوب الآيات قد جاء مطلقا فيكون ما احتوته مستمر المدى والتلقين.
وهو ما جرى عليه النظم القرآني بسبيل ذلك مما مرت منه أمثلة عديدة. ولا يتعارض هذا مع ما يمكن أن يصح من نزولها أو نزول بعضها في مناسبة حادث وقع من بعض الأشخاص، فكثير من آيات القرآن وفصوله نزلت في مناسبات معينة بأسلوب مطلق ليكون مستمر المدى والتلقين.
مدى وتلقينات آيات السورة
ومن تلقينات السورة الرئيسية تقريرها لكون جحود الإنسان للآخرة هو الذي يشجعه على اقتراف الآثام في الدنيا وعلى قسوة القلب إزاء الضعفاء واليتامى والمساكين، إذا أمن الجزاء والمقابلة، وفي هذا توكيد لتقريرات قرآنية سابقة، ولحكمة الله التي جعلت للحياة الدنيا تتمة في حياة أخرى لجزاء كل امرئ بما عمل. كما أن فيه مظهرا من مظاهر حكمة التنزيل في تكرار الإنذار بالحياة الأخرى وجعل الإيمان بها ركنا من أركان الإسلام على ما شرحناه في سياق سورة الفاتحة.
وتخصيص اليتيم والمسكين بالذكر لا يعني كما هو المتبادر أن قهر الأول وحرمان الثاني هما عنوان التكذيب بالآخرة وجزائها حصرا. فهذا أسلوب من أساليب القرآن وهناك آيات قرآنية كثيرة منها مما سبق تذكر آثاما أخرى عامة وخاصة يقترفها الإنسان نتيجة لجحوده ذلك. وقد يعني تخصيص ذلك بالذكر هنا قصد التنويه بخطورة أمر اليتيم والمسكين. وهو ما تكرر كثيرا في القرآن وقد سبق منه أمثلة عديدة وعلقنا عليه بما يغني عن التكرار.
وفي التنديد بالمصلين اللاهية قلوبهم عن صلاتهم تنبيه لوجوب تذكر المصلي الله، وإفراغ قلبه له حينما يقف أمامه متعبدا، وتقرير ضمني بأنه بذلك فقط يتأثر بصلاته تأثرا يبعث فيه السكينة والطمأنينة ويرتفع به إلى أفق الروحانية العلوية كما هو مجرب عند كل من يفعل ذلك حقا. ويوقظ فيه الضمير فيبتعد عن الفحشاء والمنكر ويندفع نحو الخير والصلاح. وكل هذا من مقاصد الصلاة بالإضافة إلى