نبيه صلّى الله عليه وسلّم فإن في استعمالهما كما هو متبادر تلقينا مقصودا به تقرير كون الإيمان بالله ورسوله يجب أن يكون له أثر بارز في سلوك المؤمنين وتصرفهم نحو الله والناس، بحيث يجتهدون في تقوى الله باجتناب الآثام والفواحش وفي الحصول على رضائه بالعمل الصالح والإحسان والإخلاص فيه، وبكلمة ثانية بحيث يتحقق في سلوكهم وتصرفهم صفتا المتقي المحسن فيكونون أهلا لرضوان الله وتكريمه وهكذا يبدو التلقين قويا رائعا. وهو مستمر المدى كما هو واضح.
تعليق على مدى التنويه بالمحسنين والإحسان
ولقد تكرر التنويه بالمحسنين والحثّ على الإحسان كثيرا في السور المكية والمدنية كما تكرر ذلك بالنسبة للمتقين والتقوى. ولقد علّقنا على مدى عناية التنزيل القرآني بالتنويه بالمتقين والحثّ على التقوى في سياق سورة القلم، ونقول هنا بمناسبة ورود كلمة المحسنين لأول مرة إن هذه الكلمة ومشتقاتها قد وردت في أكثر من مائة آية حيث يدلّ هذا على مبلغ عناية التنزيل القرآني بالتنويه بالمحسنين والحث على الإحسان كما هو الشأن بالنسبة للمتقين والتقوى.
والتعبير في أصل معناه والمقصد منه هو عمل ما هو حسن وأحسن وبعبارة أخرى عدم التقيد بقيد الواجب المقتضي عقلا وشرعا وخلقا بل تجاوزه إلى ما هو الأفضل والأحسن والأتمّ. وفي هذا ما فيه من قصد جليل إلى الارتفاع بالمسلم إلى ذرى الفضائل والمكرمات والكمال الخلقي والنفسي ونكتفي هنا ببعض الأمثلة التي يبرز فيها هذا القصد الجليل ويبرز معه ما وعده وأعده الله للمحسنين من مكافأة وجزاء في الدنيا والآخرة:
١- بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: ١١٢].
٢- وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة: ١٩٥].


الصفحة التالية
Icon