تعليق على ما يمده ذكر الله وتسبيحه وعبادته للمؤمن من قوة معنوية تساعده على مواجهة الملمات
ويلحظ أن الأمر بتسبيح الله في الآيات مسبوق بأمر النّبي بالصّبر على ما يقوله الكفار من أقوال مثيرة للشجن، وعلى ما يقفونه من مواقف الجحود واللجاج. وهذا ما يلحظ في آية سورة طه أيضا بل إن هذا ملحوظ في السياق الذي يسبق آيات سورة الإسراء كما ترى في هاتين الآيتين اللتين سبقتا تلك الآيات وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (٧٦) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا (٧٧) كما هو ملحوظ أيضا في السياق الذي يسبق آية سورة هود، كما ترى في هاتين الآيتين:
فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢) وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (١١٣) وينطوي في هذا تلقين روحاني رائع وهو أن ذكر الله سبحانه وتعالى وتسبيحه والوقوف بين يديه في الأوقات التي يلمّ فيها بالمؤمن غمّ وهمّ من شأنه أن يشرح صدره ويمدّه بقوّة معنوية كبيرة تتضاءل معها خطوب الدنيا وهمومها. وهذا مما انطوى في الآيتين الأخيرتين لسورتي العلق والشرح على ما ذكرناه تعليقا عليهما.
ولقد روى البخاري ومسلم في سياق الآية عن جرير بن عبد الله قال: «كنا جلوسا عند النبي صلّى الله عليه وسلّم ليلة فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة فقال: إنكم سترون ربّكم كما ترون هذا. لا تضامون في رؤيته. فإن استطعتم ألّا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ «١».
وفي الحديث توضيح تدعيمي لكون التسبيح المأمور به في الآيات هو الصلاة أو كون الصلاة من جملة ذلك.