العقول الواعية ويهتدوا. وينطوي في هذا دعوة إلى كل إنسان من كل جنس ولون ودين وطبقة من مسلمين وغير مسلمين، وتقرير بإمكان كل إنسان أن يتدبر آياته، وإيجاب على كل إنسان أيضا أن يفعل ذلك.
وهكذا يؤذن الله عزّ وجلّ الناس جميعا أنه إنما أنزل كتابه على نبيه ليتدبروا آياته مؤكدا أن أولي الألباب الذين يتدبرون آيات هذا الكتاب المبارك المحكمات «١» اللاتي هن أمّ الكتاب، تدبر الواعي الراغب في الحق العازف عن المكابرة والعناد، البريء عن الزيغ، المتجنب اتّباع المتشابهات ابتغاء الفتنة سوف يتذكرون ويهتدون منه إلى الله عزّ وجلّ، فتتحرر نفوسهم، ويجدون فيه أفضل وأكمل نظام إنساني واجتماعي ضامن لسعادة الدارين. وفي هذا ما فيه من روعة وجلال.
وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٣٠) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ (١) (٣١) فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ (٢) عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (٣) (٣٢) رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ (٤) (٣٣) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ (٥) جَسَداً ثُمَّ أَنابَ (٣٤) قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥) فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً (٦) حَيْثُ أَصابَ (٧) (٣٦) وَالشَّياطِينَ (٨) كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٩) (٣٨) هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ (١٠) أَوْ أَمْسِكْ (١١) بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٩) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٤٠) [٣٠- ٤٠].
(١) الصافات الجياد: الجياد هي الخيل الجيدة. والصافنات من الصفون الذي تعددت الأقوال في معناه والذي هو على ما يتبادر منها صفة مرغوبة في الخيل

(١) هذا مستلهم من إطلاق الكتاب في أول الأمر على قسم المبادئ والأسس الإيمانية والأخلاقية والاجتماعية والإنسانية التي جاءت الدعوة الإسلامية للتبشير بها على ما شرحناه في المتن قبل قليل.


الصفحة التالية
Icon