ولقد أورد ابن كثير في سياق الآيات التي تذكر حيلة بني إسرائيل على شريعة السبت في سورة الأعراف وهي الآيات [١٦٣- ١٦٦] حديثا عن أبي هريرة وصف بأن رجاله ثقاة مشهورون وإسناده جيد قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا ترتكبوا ما ارتكب اليهود فتستحلّوا محارم الله بأدنى الحيل». وفي الفصل الذي عقده ابن القيم في الجزء الثالث من كتابه «أعلام الموقعين» على التنديد بالتحايل على أحكام الله أحاديث أخرى منها حديث رواه الإمام أحمد عن ابن عمر قال: «سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول إذا ضنّ الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله عليهم بلاء فلا يرفعه حتى يراجعوا دينهم».
والشاهد من الحديث هو التبايع بالعينة. وقد روى ابن القيم عن ابن عباس توضيحا لذلك في رواية جاء فيها: «باع رجل من رجل حريرة بمائة ثم اشتراها بخمسين فسأل ابن عباس عن ذلك فقال دراهم بدراهم متفاضلة دخلت بينهما حريرة وهذا مما حرّم الله ورسوله وإن الله لا يخدع» «١». ومنها حديث رواه ابن بطة بإسناده إلى الأوزاعي قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأتي على الناس زمان يستحلّون الربا بالبيع». وحديث رواه الإمام أحمد عن أبي إسحق السبيعي عن امرأته جاء فيه: «إنها دخلت على عائشة هي وأم ولد زيد بن أرقم وامرأة أخرى فقالت لها أم ولد زيد إني بعت من زيد غلاما بثمانمائة نسيئة واشتريته بستمائة نقدا فقالت أبلغي زيدا أن قد أبطل جهاده مع رسول الله إلّا أن يتوب بئسما شريت وبئسما اشتريت» «٢». وهذه الأحاديث لم ترد في كتب الأحاديث الصحيحة. ولا مانع من صحتها. على أن هناك حديثا رواه البخاري عن جابر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «قاتل الله اليهود لمّا حرّم الله عليهم شحومها جملوها ثم باعوها فأكلوها» «٣». وفي هذا

(١) نحن نعرف بالمشاهدة أن المرابين كانوا يكتبون سند الدين بأصل المبلغ ثم يكتبون فائدته بقيمة سلعة ما ويشتري تابعهم هذه السلعة بمبلغ تافه فيحتالون بذلك على أخذ الربا والمتبادر أن الرواية المروية عن ابن عباس لتوضيح التبايع بالعينة من هذا الباب.
(٢) انظر المصدر نفسه.
(٣) التاج ج ٤ ص ١٠١.


الصفحة التالية
Icon