وجمهور المفسرين «١» على أن المقصد من أصحاب الفيل هم الأحباش الذين غزوا مكة فإذا كان هذا صحيحا فإنه يؤيد الروايات التي ترويها الكتب العربية القديمة عن الغزوة التي تعرف في تاريخ العرب قبل الإسلام بغزوة الفيل والتي قام بها الأحباش بقيادة أبرهة. وسميت كذلك لأنه كان في الحملة الحبشية بعض الأفيال.
وملخص ما جاء في الروايات «٢» أن الأحباش غزوا اليمن قبل البعثة النبوية بذريعة نصر النصارى الذين اضطهدهم الملك الحميري ذو نواس الذي كان يعتنق اليهودية وانتصروا عالى الدولة الحميرية ووطدوا سلطانهم في اليمن. وقد اضطهدوا بدورهم اليهود اليهودية وأخذوا يدعون العرب إلى النصرانية وينشئون الكنائس في اليمن وقد أنشئوا كنيسة كبرى سمتها الكتب العربية باسم القليس. غير أن العرب لم يستجيبوا إلى الدعوة وظلوا متعلقين بتقاليدهم وبالحج إلى الكعبة في الحجاز حتى أن بعضهم نجّس القليس فغضب الأحباش وأرادوا أن يخضعوا الحجاز لحكمهم ويهدموا الكعبة التي يتعلق بها العرب فجاءوا بحملة كبيرة فلما وصلت قرب مكة شرد أهل مكة إلى الجبال لأنهم رأوا أن لا طاقة لهم بها. ولكن الله حبس الفيل الكبير الذي كان في طليعة الحملة عن مكة فتوقفت الحملة، فسلط الله عليها جماعات كثيرة من الطيور تحمل بمناقيرها حجارة صغيرة من طين متحجر وأخذت ترمي بالحجارة على الأحباش فلا يكاد الحجر يصيب جسم الحبشي حتى يتهرأ. وقد تمزق شمل الحملة نتيجة لذلك ونجا الحجاز والكعبة. وقد كان لهذا الحادث ونتيجته ردّ فعل عظيم في بلاد العرب حتى صاروا يؤرخون أحداثهم بعام الفيل. وقد روي فيما روي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ولد في هذا العام كما روي أن الحادث كان قبل ولادته بمدة تراوحت بين ثلاث عشرة سنة وأربعين سنة على اختلاف
(٢) انظر تاريخ الطبري مطبعة الاستقامة ج ١ ص ٥٢٩- ٥٦٠. وغزو الحبشة لليمن وسيطرتهم عليها مما أيدته المنقوشات والآثار القديمة أيضا انظر الجزء الخامس من كتابنا الجنس العربي ص ٧٦ وما بعدها.