الإلهية وشمولها وكون الله عز وجل وحده هو النافع والضار، ووجوب عدم الاستعاذة أو الاستعانة بغيره عند ما ينبعث في نفوسهم خوف أو هاجس أو اضطراب، وتلقين كون الله هو القادر وحده على تسكين الروع وإدخال الطمأنينة إلى القلب ودفع الضرر وتحقيق النفع ووجوب الالتجاء إليه وحده والاستعاذة به وحده. وهذا مما يتصل بمبدأ أساسي من مبادئ الدعوة وهو الإيمان بالله وحده ونبذ ما سواه خضوعا وعبادة ودعاء ورجاء.
وننبه على أن السورة ليست بسبيل تقرير قدرة النفاثات في العقد على إيراث النفع والضرر ولا تأثير الحاسد في المال والنفس والولد. ولا يدل مضمونها وأسلوبها على ذلك. وإنما هي كما قلنا بسبيل التعليم والتلقين والتطمين ومعالجة ما هو مستقر في أذهان الناس من بواعث الخوف، ومعالجة روحية بالاعتماد على الله وحده والالتجاء إليه وحده.
طائفة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في الاستعاذة وأهدافها وتلقيناتها
ولقد تكرر في القرآن أمر الله تعالى للنبي صلّى الله عليه وسلّم وبالتبعية للمؤمنين بالاستعاذة بالله مطلقا وبالاستعاذة به من الشيطان أحيانا حينما يحزبهم حازب أو تحدق بهم أزمة أو يشعرون بوسوسة شيطانية تحيك في صدورهم كما تكرر حكاية ذلك عن بعض أنبياء الله وعباده الصالحين كما ترى في الآيات التالية:
١- وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠) الأعراف [٢٠٠] «١».
٢- قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي

(١) في سورة فصلت آية مماثلة لهذه وهي الآية [٣٦].


الصفحة التالية
Icon