الله صلّى الله عليه وسلّم كان يتعوّذ من الجانّ وعين الإنسان حتى نزلت المعوّذتان فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما» «١».
وعلى كل حال فإن الأحاديث النبوية تتساوق مع التلقين القرآني الذي نوهنا به آنفا.
تعليق على ما روي في صدد نزول السورة ومدنيتها وسحر النبي صلّى الله عليه وسلّم
ولقد روى المفسر البغوي عزوا إلى ابن عباس وعائشة أن هذه السورة وسورة الناس بعدها نزلتا معا في مناسبة سحر النبي صلّى الله عليه وسلّم من قبل ساحر يهودي اسمه لبيد بن الأعصم. ويروي رواية أخرى في ذلك عزوا إلى مقاتل والكلبي جاء فيها أنهما «قالا كان السحر في وتر عقد عليه إحدى عشرة عقدة وقيل كانت العقد مغروزة بالإبرة فأنزل الله هاتين السورتين وهي إحدى عشرة آية سورة الفلق خمس آيات، سورة الناس ست آيات كلما قرأ آية انحلت عقدة حتى انحلت العقد كلها فقام النبي صلّى الله عليه وسلّم كأنما نشط من عقال». وروى أنه لبث فيه ستة أشهر واشتد عليه ثلاث ليال فنزلت المعوذتان. ويروي هذا المفسر في سياق ذلك عن عائشة «٢» :
«أن النبي صلّى الله عليه وسلّم طب حتى إنه ليخيل إليه أنه قد صنع شيئا وما صنعه وأنه دعا ربه ثم قال أشعرت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه فقالت عائشة وما ذاك يا رسول الله قال جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال أحدهما لصاحبه ما وجع الرجل؟ قال الآخر: هو مطبوب. قال من طبه؟ قال لبيد بن الأعصم. قال: فبماذا؟ قال: في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر «٣». قال فأين هو؟

(١) المصدر السابق نفسه.
(٢) المفسر من أئمة الحديث وهو يروي هذا الحديث بطرقه سماعا من راو عن راو عن هشام عن أبيه عن عائشة.
(٣) أي في وعاء من طلع النخل.


الصفحة التالية
Icon