الطبرسي قوي ولا سيما احتجاجه برد القرآن عن النبي صلّى الله عليه وسلّم صفة المسحور كما هو المتبادر.
ومثل هذا القول رواه المفسر القاسمي عن الشهاب عن أبي بكر الأصم الذي قال: «إن حديث سحره صلوات الله عليه المروي متروك لما يلزمه من صدق قول الكفرة إنه مسحور وهو مخالف لنص القرآن حيث أكذبهم الله فيه».
ويروي المفسر القاسمي كذلك عن الرازي عن القاضي أنه قال: «هذه الرواية باطلة، وكيف يمكن القول بصحتها والله تعالى يقول: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ المائدة [٦٧] ووَ لا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى طه [٦٩] ولأن تجويز ذلك يفضي إلى القدح في النبوة. ولو صح لكان من الممكن أن يصلوا إلى ضرر جميع الأنبياء والصالحين وأن يحصلوا على الملك العظيم لأنفسهم وكل ذلك باطل. وكان الكفار يعيرون النبي صلّى الله عليه وسلّم بأنه مسحور فلو وقعت هذه الواقعة لكان الكفار صادقين في تلك الدعوة ولحصل فيه عليه السلام العيب وذلك غير جائز». وقد عقب القاسمي على هذه الأقوال قائلا إنه لا غرابة في أن لا يقبل الخبر لما برهن عليه وإن كان مخرجا في الصحاح وذلك لأنه ليس كل مخرج فيها سالما من النقد سندا أو معنى كما يعرفه الراسخون. والمناقشة في خبر الآحاد معروفة عند الصحابة «١». ثم أخذ يورد أقوالا للأئمة الغزالي وابن تيمية والفناري في جواز رد خبر الآحاد وعدم الأخذ به، وخلافه إذا قامت الأدلة عليه.
وفي كل ذلك ما فيه من قوة ووجاهة، وقد أسهبنا في هذه المسألة في طبعة الكتاب الجديدة لأننا رأيناها مهمة يحسن تمحيصها سواء من ناحية وقوعها أو من ناحية صلتها بصفة وعصمة النبوة والله تعالى أعلم «٢».
(٢) للإمام محمد عبده كلام سديد في هذا الموضوع متفق مع النتيجة التي انتهينا إليها والرأي الذي رجحناه. انظر الجزء الثالث من كتاب التفسير والمفسرون لمحمد حسين الذهبي ص ٢٣٨ وما بعدها.