ونفي كلّ ما يتناقض معها حيث يبدو أن حكمة التنزيل اقتضت ذلك في هذه السورة إزاء ما كان سائدا في العالم من نقائض متنوعة المدى لهذه الوحدة المستغنية عن كل شيء والتي هي مرجع ومصدر كل شيء. ولقد وصف الله عز وجل في السور السابقة واللاحقة برب العالمين الرحمن الرحيم المالك لكل شيء والعالم بكل شيء والمحيط بكل شيء والقادر على كل شيء والمتصرف في كل شيء الذي لا تدركه الأبصار والذي ليس كمثله شيء المتصف بجميع صفات الكمال والمنزّه عن كل شائبة ونقص. وبذلك تكتمل الصورة القرآنية لله عز وجل في العقيدة الإسلامية كمالا لا يماثله بل ولا يدانيه شيء من الصور الإلهية في مختلف الديانات الأخرى.
ومعظم روايات النزول وتراتيب السور تجعل هذه السورة بعد سورتي الناس والفلق مما يسوغ القول أن السور الثلاث نزلت في ظرف واحد وأوقات متقاربة أو متعاقبة. ولهذا دلالة مهمة من حيث توكيد السور الثلاث عدم وجود غير قوة الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد قادرة على النفع والضرر والمنع والإعطاء. ومن حيث إيجاب الاستعاذة به وحده وعدم خشية أحد غيره وعدم الاتجاه إلى غيره في أي مطلب وحاجة.


الصفحة التالية
Icon