والترمذي. وقد جاء في هذه الصيغة: «قال مسروق كنت متكئا عند عائشة فقالت ثلاث من تكلّم بواحدة منهنّ فقد أعظم على الله الفرية. من زعم أن محمدا رأى ربّه فقد أعظم على الله الفرية والله يقول: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ الأنعام [١٠٣]. ووَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ الشورى [٥١] فقلت يا أمّ المؤمنين أنظريني ولا تعجليني أليس يقول الله وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى النجم [١٣] ووَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ التكوير [٢٣].
قالت: أنا أول من سأل رسول الله قال إنما ذاك جبريل ما رأيته في الصورة التي خلق فيها غير هاتين المرتين رأيته مهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض... إلخ» «١». والحديث الذي أوردناه قبل قليل عن الإمام أحمد عن ابن عباس والذي يبدأ بجملة: «أتاني ربّي الليلة في أحسن صورة أحسب يعني في النوم» ثم الزيادات الواردة في الصيغة التي رواها الطبري عن ابن عباس والتي أوردناها آنفا أيضا. وحديث رواه الإمام أحمد عن ابن مسعود في سياق تفسير وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى النجم [١٣- ١٤] قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأيت جبريل وله ستمائة جناح ينتثر من ريشه التهاديل من الدر والياقوت».
ويمكن أن يستخلص من هذه الأحاديث أن الضمير في وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى مصروف على الأرجح إلى جبريل كما هو الشأن في ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى النجم [٨] وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما رأى جبريل وإنه لم ير ربه بعينه الباصرة في يقظته وأن ذلك ممتنع.
ونصوص كثير من الأحاديث التي أوردناها هنا تقوي رجحان انقطاع الصلة بين آيات سورة النجم التي نحن في صددها وحادث المعراج وتسوغ القول إنه أقحم عليها إقحاما وإن خبره إنما كان في الأحاديث المروية في صدده. كما أنها تدعم ما قلناه في نهاية التعليق السابق في صدد ماهيته، والله أعلم.