القرآني. ويتبادر لنا أنها استهدفت فيما استهدفته سلك عيسى عليه السلام في سلك غيره من الأنبياء الذين كانوا أيضا من قبله مظهر عناية الله ورحمته وحفاوته، بحيث انطوى فيها تقرير بأن عناية الله بعيسى عليه السلام ليست شيئا خاصّا به ولا بدعا.
فتكون والحالة هذه متصلة بالسياق السابق. ولقد تكرر الأمر «اذكر» في قصة مريم ثم في قصص السلسلة حيث يكون هذا قرينة على ذلك فضلا عن وحدة النظم.
وقد احتوت السلسلة تنويها بإبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وهارون وإسماعيل وإدريس عليهم السلام. وعبارتها واضحة لا تحتاج هي الأخرى إلى أداء آخر.
وقد عممت الآية الأخيرة التنويه بحيث شمل المذكورين وغيرهم من أنبياء الله الذين كانوا مظهر هداية الله واصطفائه. وذكرت كيف كانوا إذا تتلى عليهم آيات الله يخرّون ساجدين له، باكين من خشيته، كأنما أرادت أن تقول إن هذا الفناء في الله تعالى والإخلاص له من أسباب ما نالوه من عناية الله وتنويهه وكأنما أرادت أن تقول كذلك إن هذه الدرجة يستطيع أن ينالها عند الله تعالى من يحذون حذو هؤلاء في الفناء والإخلاص، وأن تهيب بالسامعين إلى التأسي بهم. وفي هذا ما فيه من تلقين مستمر المدى. ويلحظ أن كل حلقة في السلسلة قد احتوت إشارة إلى ما كان من إخلاص النبي الذي ذكر فيها الله تعالى. وهذا من دعائم وعلائم الهدف الذي استهدفته السلسلة والذي نبهنا عليه.
ولعل في الآية الأخيرة التي جاء فيها جملة وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إشارة إلى الذين هداهم الله واجتباهم فصدّقوا برسالة النبي ﷺ وساروا على طريقة الأنبياء السابقين وصاروا مثلهم، إذا تليت عليهم آيات الرحمن خرّوا سجدا وبكيّا. وقد سلكتهم في صف أنبياء الله. وفي هذا ما فيه من تطييب قلب وتسكين روع وتشجيع وتثبيت وتنويه كما هو واضح.
ويمكن أن يلمح في السلسلة جميعها بالإضافة إلى ما قلناه قصد الإشارة إلى