يلقون سوء عاقبة ضلالهم وانحرافهم وخسرانا وعذابا. وقد استثني الذين يرعوون عن ضلالهم ويتوبون إلى الله فيؤمنون ويعملون العمل الصالح. ووعد هؤلاء بالجنة ووفاء جزاء أعمالهم لهم بدون نقص وبخس ما حيث يجري عليهم رزقهم باستمرار. ولا يسمعون فيها لغوا وكل ما يسمعونه التحية والسلام. وانتهت الآيات بتقرير كون هذه الجنة هي مصير الأتقياء من عباد الله.
تعليق على الآية فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ والآيات الثلاث التالية لها
روى الطبرسي أن الآية الأخيرة منها نزلت ردا على أحد زعماء المشركين الذي قال لو كانت الجنة التي يذكرها محمد حقا لكانت أولى بي من أولئك الصعاليك الذين آمنوا به. والآية معطوفة على الآيات السابقة لها ومنسجمة معها كل الانسجام. والمتبادر أن الآيات جميعها جاءت معقبة على الآيات السابقة لها وأنها متصلة بها هدفا وموضوعا. وهذا لا ينفي أن يكون صدر من الزعيم المشرك ما روي عنه. ولقد روي عن ابن عباس والسدي أن الآية الأولى عنت اليهود.
وروي عن الأوزاعي أنها في حق الذين يؤخرون الصلاة عن مواقيتها أو أن هذا ما تعنيه جملة أَضاعُوا الصَّلاةَ وروي عن مجاهد أنها في حقّ جماعة في آخر الزمان يتركون الصلاة وينزون على بعضهم في الأزقة كالحيوانات «١».
ويتبادر لنا أن هذه الأقوال من قبيل الاجتهاد والتطبيق، وأن روح الآية تلهم أنها عامة الشمول وبسبيل النعي على كل من بدّل وحرّف وانحرف عن طريقة الأنبياء والصالحين من أخلافهم وقصروا في عبادة الله تعالى وأوغلوا في الشهوات وإنذارهم. والاستثناء الوارد في الآية الثانية قرينة على ذلك وهو بسبيل دعوة السامعين إلى الله تعالى، والإهابة بالمنحرفين إلى التوبة والرجوع إلى الله وعمل الصالحات وتشويقهم بأسعد مصير في الآخرة.

(١) انظر تفسير ابن عباس رواية الكلبي وتفسير ابن كثير.


الصفحة التالية
Icon