[سورة مريم (١٩) : الآيات ٦٤ الى ٦٥]

وَما نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥)
(١) هل تعلم له سميّا: السؤال إنكاري يتضمن النفي حيث يسأل السامع سؤال من يعرف أن جوابه بالنفي عما إذا كان يعلم أو يستطيع أن يذكر مماثلا ونظيرا له بالاسم والقدرة والعظمة والربوبية الشاملة.
تبدو هاتان الآيتان معترضتين في السياق. وكأنهما لا ارتباط بينهما وبين ما سبقهما وما لحقهما. ومن جهة أخرى فإن صيغتهما صيغة خطاب موجه للنبي ﷺ من غير الله كأن أشخاصا غير الله يخاطبونه. وعبارتهما واضحة. وهما في صدد تقرير انحصار الأمر والعلم والتصرف في كل شيء في الله تعالى ربّ السموات والأرض وما بينهما الذي لا مثيل له ولا نظير في عظمته وقدرته وربوبيته الشاملة، وقد أمر النبي ﷺ في ثانيتهما بالثبات في عبادته والخضوع له.
تعليق على آية وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ
لقد تعددت الأحاديث والروايات التي يرويها المفسرون في صدد هذه الآيات «١» منها حديث عن ابن عباس رواه البخاري والترمذي عن النبي ﷺ قال لجبريل «ما يمنعك أن تزورنا أكثر ممّا تزورنا فنزلت» ومنها حديث عن مجاهد جاء فيه «إن النبي ﷺ قال لجبريل لقد رثت عليّ حتّى ظنّ المشركون كلّ ظنّ. فنزلت» وحديث عن قتادة جاء فيه «إن النبي ﷺ قال لجبريل حينما جاء بعد انحباس ما جئت حتّى اشتقت إليك فنزلت». ومما رواه المفسرون أن احتباس جبريل كان ثنتي
(١) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري وابن كثير والبغوي والخازن والطبرسي والكشاف.


الصفحة التالية
Icon