ورودها أنها بمعنى ما تحت سطح الأرض وأعماقها وباطنها.
(٣) وأخفى: الكلمة هنا في مقام ذكر كون علم الله تعالى لا يخفى عليه أي شيء مهما خفي واستتر. وقيل إنها حديث النفس الذي يدور في الخاطر. والسر هو الحديث أو الحادث الواقع فعلا في الخفاء.
تعددت الأقوال في الحرفين اللذين بدئت بهما السورة كما هو شأن حرفي سورة يس خاصة، وسائر الحروف التي بدئت بهما السور عامة. فقيل إنهما منحوتان عن «يا هذا» أو عن «طأها» أي الأرض حيث كان النبي ﷺ يطيل الوقوف وهو يصلي حتى ورمت قدماه. وقيل إن معناهما يا رجل لأن «طا» بمعنى رجل في لهجة قبيلة عك أو في النبطية والسريانية. وقيل إنهما قسم رباني أو من أسماء النبي، كما قيل إنهما حروف هجائية مفردة مثل الحروف الأخرى التي بدئت بها السور الأخرى «١» ونحن نرجح أنهما جاءا للتنبيه والاسترعاء لما يأتي بعدهما.
وقد وجه الخطاب في الآيات التي تلي الحرفين للنبي صلى الله عليه وسلم، فالله لم ينزل عليه القرآن ليشقى ويضنى وإنما أنزله ليكون تذكرة لمن فيه الاستعداد لخشية الله والرغبة في الإنابة إليه. وقد أنزله عليه الله عز وجل الذي خلق السموات والأرض وما بينهما وما فيهما، والذي له الحكم المطلق في الكون، والمالك لكل شيء والمحيط بكل شيء ظاهرا كان أو خفيّا، سرّا أو علنا، والمتفرد في الألوهية الذي له أحسن الأسماء وأكمل الصفات.
تعليق على الآيات الأولى من سورة طه
لقد روى المفسرون أن الآيات نزلت بمناسبة ما كان من إجهاد النبي ﷺ نفسه في العبادة والصلاة والوقوف وقراءة القرآن حتى ورمت قدماه. وليس لهذه الرواية سند وثيق، ونحن نتوقف فيها لأنها لا تنسجم مع روح الآيات بقطع النظر