مبين واضح ومفهوم لئلا يكون حجة للعرب الذين هم أول المخاطبين به بعدم الفهم والعجز عن الإدراك، وإنه فيما احتواه من مبادئ وأهداف وتدعيمات متطابق مع ما في الكتب المنزلة الأولى. وقد انتهت الآيات بسؤال استنكاري يتضمن التقرير الإيجابي عما إذا لم يكن للكافرين برهان على أنه كذلك فيما كان من علم علماء بني إسرائيل بأمره وشهادتهم على صحته.
ولقد احتوى القرآن المكي فضلا عن المدني آيات كثيرة حكت ما كان من شهادة أهل الكتاب وأهل العلم بصحة وصدق القرآن ونزوله من عند الله وإيمانهم به وصحة وصدق رسالة النبي ﷺ وأوصافه التي يجدونها مكتوبة عندهم في التوراة والإنجيل وكونهم يعرفون ذلك كما يعرفون أبناءهم. وقد أوردنا كثيرا منها في مناسبات سابقة وخاصة في مناسبة تفسير آية سورة الأعراف [١٥٧] مما يجعل الحجة التي تضمنتها الآية الأخيرة [١٩٧] دامغة.
كذلك فإن هذه الآية والآيات التي تستشهد أهل العلم وأهل الكتاب على صحة صلة القرآن بالله تعالى وصحة رسالة النبي ﷺ مما أوردنا كثيرا منها في المناسبات السابقة تلهم أن العرب كانوا يثقون في علم أهل الكتاب وعلماء بني إسرائيل واطلاعهم فاستحكمتهم الآيات بالحجة والإفحام والتنديد حيث يظلون مكابرين معاندين بالرغم من شهادة هؤلاء الذين يزكونهم ويثقون بهم. ومن المحتمل جدّا أن يكون بعض علماء بني إسرائيل قد شهدوا شهادتهم في مجلس علني حضره فريق من المسلمين وآخر من الكفار.
ولقد ذكر المصحف الذي اعتمدناه أن الآية [١٩٧] مدنية وذكر ذلك الزمخشري في مطلع تفسير السورة أيضا. وقال المفسرون إنها تعني علماء بني إسرائيل الذين أسلموا في المدينة كعبد الله بن سلام «١». ونلاحظ أن الآية منسجمة كل الانسجام سبكا وموضوعا وسياقا مع ما قبلها وما بعدها. ومحتوية إفحاما جدليّا إزاء عناد الكفار الذي كان مسرحه الأول مكة لا المدينة، وفي سياق آيات لا