وبخاصة ما كان بينه وبين ملكة سبأ بشيء من الإسهاب، وعبارتها واضحة.
ومعظم ما جاء فيها جديد باستثناء ما كان من تسخير الجنّ لسليمان حيث ذكر في سورة ص. ومع ما يبدو عليها من قصد الإخبار فإن فيها مواضع عبرة عديدة تجعلها تتسق في أهدافها مع أهداف القصص القرآني بوجه عام، وهي التذكير وضرب المثل والموعظة والعبرة.
وخبر زيارة ملكة سبأ لسليمان عليه السلام وارد في الإصحاح العاشر من سفر الملوك الأول الذي هو في الطبعة الكاثوليكية الثالث. وما جاء في هذا الإصحاح أن الملكة نوهت بحكمة سليمان وقدمت له هدايا مائة وعشرين قنطارا من الذهب وطيوبا كثيرة وحجارة كريمة. وأنه أعطاها كل بغيتها التي سألتها فوق ما أعطاها من العطايا وانصرفت إلى أرضها.
وليس في هذا السفر ولا غيره من الأسفار ما جاء في الآيات من قصة الهدهد وتعلم سليمان منطق الطير وحشد جنوده من الجن والإنس والطير ووادي النمل وكلام النملة وكتاب سليمان لملكة سبأ ومحاورتها مع ملأها. ومسألة الإتيان بعرشها والصرح الذي حسبته لجة وهو من القوارير. ولكنا نعتقد أنها كانت متداولة بين اليهود وواردة في قراطيس وأسفار أخرى. وفي كتب التفسير بيانات كثيرة مروية عن علماء الأخبار ومسلمة اليهود في الصدر الأول في نطاق كل ذلك مما فيه دلالة على أن ما اقتضت حكمة التنزيل منه مما كان متداولا في بيئة النبي ﷺ وليس له مصدر إلا اليهود.
ولما كان هدف القصة وما فيها هو الموعظة والعبرة كما قلنا فإننا لم نر طائلا في إيراد البيانات التي أوردها المفسرون والتي فيها كثير من الإغراب ولا في شرح محتويات الآيات موضوعيا والتوسع في التخمين والتأويل كما فعل المفسرون. ونرى الأولى الوقوف عند ما اقتضت حكمة التنزيل إيحاؤه لتحقيق ذلك الهدف.