بتأويلات عديدة منها أنها بمعنى اجتمع علمهم عن الآخرة وتلاحقت الأخبار عندهم بأنها لن تكون. ومنها أنها بمعنى عجز علمهم عن فهم حكمة الآخرة.
ومنها أن علمهم ويقينهم بالآخرة جاء متداركا بعد فوات الوقت فلم ينفعهم ذلك.
وقد رجحنا المعنى الثاني. والله أعلم.
(٢) عمون: جمع عم. والكلمة وصف للكفار بعدم الإدراك والإبصار.
والكلمة أشد من العمى.
(٣) ردف: معنى ردفه جاء وراءه ودهمه. والكلمة في مقامها تعني أن ما يستعجلونه يمكن أن يكون وشيك المداهمة لهم.
(٤) تكنّ: تخفي.
(٥) كتاب مبين: الجملة كفاية عن علم الله تعالى وإحاطته بكل ما كان ويكون.
الآيات استمرار للسياق ومتصلة بما سبقها كما هو المتبادر، وبدؤها بأمر «قل» الذي بدأ به الفصل السابق قرينة على ذلك. وفي الوقت نفسه فإن فيها عودا على ما احتواه مطلع السورة من ذكر جحود الجاحدين بالآخرة وخسرانهم مما يجعل الترابط قائما بين فصولها.
وفي الآية الأولى أمر للنبي ﷺ بأن يقرر ويقول إنه ليس من أحد في السموات والأرض غير الله يعلم الغيب، وأنه ليس من أحد يعلم وقت البعث والنشور، وفي الثانية توكيد بعدم إدراكهم لأمر الآخرة وحكمتها وشكهم فيها بسبب ذلك، وأنهم في عماية تامة عنها، والآيتان الثالثة والرابعة حكت تساؤل الكفار على سبيل الإنكار عن إمكان البعث بعد أن يصبحوا هم وآباؤهم من قبل ترابا، وقولهم إن الوعد بالآخرة ليس جديدا وإن آباءهم أوعدوا به من قبلهم، وقد احتوت الآية الخامسة أمرا بالرد عليهم على طريقة الأسلوب الحكيم فما عليهم إلّا أن يطوفوا في الأرض ليروا عاقبة المكذبين المجرمين وآثار نكال الله تعالى فيهم، واحتوت الآية السادسة تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم: فليس عليه أن يحزن ويضيق صدره مما يمكرونه ويكيدونه للدعوة ويقفونه منها من مواقف التكذيب. وعادت الآية