وقد تكرر مثل هذه التسلية والتطمين في مناسبات مماثلة كثيرة مرّت أمثلة عديدة منها.
وكلمات الموتى والصمّ والعمي في الآيات استعيرت لوصف الكفار على ما هو المتبادر بسبب ما يبدو منهم من مكابرة وتصامم وتعام عن الحق والهدى، والتشبيه قوي لاذع.
هذا، والآيات وإن كانت نزلت في صدد مواقف الحجاج مع الكفار وظروف السيرة النبوية فإن فيها تلقينا مستمرّا في ما احتوته من تثبيت من يكون على الحق الواضح، ودعوته إلى عدم المبالاة بالمشاكسة والمعاندة والمكابرة التي تبدو من سيئي النية وخبثاء الطوية وإلى عدم الجهد والاهتمام بهذه الطبقة حينما تبدو على حقيقتها لأنها تكون قد غلّبت الهوى على الحق والحقيقة، ثم فيما احتوته من إشارة وثناء على من يستجيب إلى الحق ويسلم به وينضوي إليه ومن تقريع واستنكار لمن يقف منه موقف المكابرة والعناد.
ونقول في صدد الوصف الذي وصف به الكفار هنا ما قلناه وفي سياق الآية العاشرة من سورة يس وغيرها من أنه تسجيل لواقع أمرهم حين نزول الآيات بدليل أن كثيرا منهم سمع وآمن واهتدى في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٨٢ الى ٨٦]
وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (٨٢) وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ (٨٣) حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨٤) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ (٨٥) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٨٦)
في الآية الأولى تقرير بأن الله تعالى إذا ما استحق المخاطبون غضبه وعذابه أخرج لهم دابة من الأرض تخاطبهم وتبكتهم بسبب عدم إيمانهم بتحقيق ما وعد الله.