النظر عن عقيدتهم العجيبة فإن في الاستدلال عليها بالآيات التي نحن في صددها تعسفا ظاهرا وتكلفا حزبيا صارخا. سواء من ناحية سياقها أم من ناحية فحواها.
وفي تفسير الطبرسي وهو من أكثرهم اعتدالا كلام طويل عجيب في تفصيل وإثبات ذلك ومما قاله أنه مما تظاهرت أخباره عن أئمة الهدى من آل محمد وإجماعهم حجة. ونحن نريد أن ننزه أي واحد منهم فضلا عن جميعهم من أن يكون قد استنبط ذلك من هذه الآيات.
[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٨٧ الى ٩٠]
وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ (٨٧) وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ (٨٨) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (٨٩) وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠)
(١) الصور: آلة تشبه القرن ينفخ فيها لتكبير الصوت. وهي البوق أيضا.
(٢) داخرين: ذليلين أو صاغرين.
(٣) كبّت وجوههم: طرحوا منكسين على وجوههم.
في الآيات صور للاخرة وهو لها ومصائر الناس فيها، وهي متصلة بالسياق السابق واستمرار له كما هو واضح. وعبارتها واضحة. ويلحظ أن الجبال هنا تمر مسرعة كقطع السحاب بينما يظنها الراؤون جامدة في حين أن آيات أخرى ذكرت أنها تتفتت وتكون هباء وأنها تدرك دكا وتنسف نسفا وتكون كالعهن المنفوش. ومع ذلك فمن الممكن أن لا تكون هذه الصور متعارضة تطبيقيا. وعلى كل حال فبالإضافة إلى وجوب الإيمان بما يرد في القرآن من صور عن الآخرة فإن العبارة هنا كما هي في الأماكن الأخرى هي بسبيل وصف هول يوم القيامة وأنها استهدفت فيما استهدفته التشديد في الإنذار والترهيب.