تعليق على الفصل الأول من قصة موسى وفرعون وما فيها من عبر وتلقين
وبدء السورة مباشرة بقصة موسى وفرعون قد يدل على أن بعض المسلمين أو غير المسلمين وإن كنا نرجح الأول سألوا النبي ﷺ عن نشأة موسى عليه السلام بعد ما عرفوا ما كان بينه وبين فرعون وما كان من أمر بني إسرائيل بعد خروجهم من مصر من السور السابقة فاقتضت حكمة التنزيل بإيحاء هذا الفصل وإتباعه بالفصل الثاني الذي فيه قصة رسالة موسى عليه السلام إلى فرعون، وقد يسوّغ هذا القول أن ما جاء في هذه السورة من القصة قد قصد به القصة لذاتها، غير أن أسلوبها قد حافظ على الأسلوب القصصي القرآني العام من حيث احتواؤه التذكير والتنبيه والعظة والحكم الأخلاقية والاجتماعية العديدة ومواضع العبرة مما يمكن أن يسوغ القول أيضا إن القصة قد أريد بها الموعظة والمقارنة بين رسالة موسى عليه السلام ورسالة محمد ﷺ وظروفهما، وهذا واضح أكثر من الآيات الأخيرة التي أعقبت الفصل الثاني على ما سوف يأتي شرحه بعد.
ومن مواضع العبرة في الآيات التي أوردناها والبيان الإجمالي الذي سبق فصل القصة الأول التنديد بفرعون لجعله الناس طبقات متفاوتة واضطهاده الضعفاء منهم، والبشرى للمستضعفين بعناية الله ونصره وتمكينه، ففي هذا من جهة بشرى للمسلمين الذين استضعفهم الكفار وبخاصة زعماؤهم في مكة وآذوهم وبغوا عليهم وتثبيت لهم، وإنذار للكفار وزعمائهم بعاقبة مثل عاقبة فرعون وجنوده، وفيها بالإضافة إلى ذلك تلقين مستمر المدى بما في التفريق في الحقوق والرعاية بين طوائف الناس واضطهاد الضعفاء منهم من بغي وظلم وخاصة من أصحاب السلطان والجاه وعدم إقرار الله عز وجل لذلك.
ومن مواضع العبرة في الآيات كذلك:
١- حكاية استشعار موسى عليه السلام بالندم والذنب بسبب قتله الشخص مع أنه عدوه. وكان يقاتل شخصا من شيعته. حيث ينطوي في هذا تنبيه عام على


الصفحة التالية
Icon