والتذكير. ولقد كان (آمون) اسما لإله رئيس من آلهة المصريين القدماء، وكان ملوكهم ووزراؤهم ورجال دولتهم وكهانهم يتسمون به أو ينسبون إليه على ما عرف من الآثار القديمة المصرية.
وكان ذلك ممتدا إلى الزمن المخمن أن موسى عليه السلام بعث فيه «١».
فليس من التجوز أن يقال إن هامان معدل أو معرب عنه. ولسنا نرى مانعا من احتمال التجانس بين الاسمين في بلاد الفرس ومصر بطريق الاقتباس والتقليد.
وهو أمر مألوف، بل إن هذا الاحتمال قوي جدا لأن الفرس قد سيطروا على مصر بين القرن الثالث والقرن الخامس قبل الميلاد المسيحي. وكان الملك أحشويريش الفارسي الذي يذكر سفر استير أن هامان وزيره من جملة من حكم باسمه في مصر من ملوك الفرس. وليس ما يمنع أن يكون اسم هامان مقتبسا من إحدى تسميات آمون المتداولة وفي مصر، فيكون وزير احشويريش مأخوذا عن اسم مصر وليس العكس «٢».
ولعله يقوم إشكال أو وهم إشكال في صدد الآيات [٤٤- ٤٦] فيما يمكن أن ينطوي فيها من احتمال كونها بسبيل تقرير عدم معرفة النبي ﷺ شيئا من تفاصيل وأخبار نشأة موسى عليه السلام وهجرته إلى مدين ومناداة الله له في جانب الطور.
والذي يتبادر لنا أنها ليست بسبيل تقرير ذلك وإنما هي كما تلهمه عبارتها بسبيل تقرير كون دعوة النبي ﷺ ليست تقليدا لموسى عليه السلام ومقتبسة من حياته التي لم يشهدها مشاهدة عيان، وإنما هي من الله تعالى لينذر قومه الذين لم يكن لهم عهد بالنذر رحمة بهم، وإن شأنه في ذلك شأن المرسلين الذين أرسلهم الله قبله.
انظر الجزئين ٧ و ٨ من الكتاب المذكور.
(٢) انظر تاريخ كلدو وأشور لأسقف سعود ج ١ ص ١٥٣- ١٦١ والعقد الثمين لأحمد كمال ص ١٩٧- ١٩٨.