فقط كما أن من الممكن أن يكون المراد بها الإشارة إلى أشد حادثين تاريخيين وقعا أو يقعان عليهم أيضا.
ولقد سجل التاريخ أن بني إسرائيل قووا وضعفوا وانحرفوا وصلحوا وبغوا وتابوا ونالهم النكال مرارا. ولقد سجل حادثين شديدين غزاهم في أحدهما ملوك الأشوريين سنحاريب وسرجون وأسرحدون في القرن الثامن قبل الميلاد ونسفوا دولة إسرائيل التي كان مركزها في السامرة وسط فلسطين والتي كانت تحكم معظم فلسطين ونفوا أهلها إلى بلادهم وأسكنوا محلهم جماعات أتوا بهم منها. وغزاهم في ثانيهما نبوخذ نصر ملك بابل في الثلث الأول من القرن السادس قبل الميلاد ونسف دولتهم الثانية «يهوذا» التي عاصمتها أورشليم (بيت المقدس) كذلك ونفى أكثرهم إلى بابل بعد تدمير العاصمة والمعبد ونهبهما. وهاتان الضربتان ذكرتا في سفري الملوك الأول والثاني في الطبعة البروتستانتية والثالث والرابع في الطبعة الكاثوليكية ثم في سفري أخبار الأيام الأول والثاني في الطبعتين. وكل هذه الأسفار متداولة اليوم. ولقد سجل التاريخ أيضا أنهم ضربوا بعد هذا بضربتين شديدتين من قبل الدولة السلوقية اليونانية التي حكمت بلاد الشام من القرن الثالث قبل الميلاد إلى أواسط القرن الأول، ثم من الدولة الرومانية التي حكمتها منذ أواسط القرن الأول قبل الميلاد. فقد أعاد ملك الفرس كورش الذي قضى على دولة بابل جماعات من المسبيين في بابل من بني إسرائيل إلى فلسطين فجددوا عاصمتهم ومعبدهم، ولكنهم بطروا وبغوا حينما صار الحكم للدولة السلوقية فضربتهم ضربة شديدة. وقد قووا بعد ذلك فبطروا وبغوا حينما صار الحكم للدولة الرومانية فضربتهم ضربة شديدة ودمرت عاصمتهم ومعبدهم وقتلت منهم خلقا كبيرا في القرن الأول بعد الميلاد فتشتتوا وظل أمرهم منتكسا ومعبدهم خرابا وكان الأمر كذلك حينما نزلت الآيات. والضربتان الأخيرتان ذكرتا في مدونات يهودية ويونانية ورومانية قديمة أيضا «١».