آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) وقد نزلت في مناسبة مماثلة على ما رواه المفسرون «١».
وفي الآية تلقين جليل مستمر المدى فيما احتوته من الأمر بالمحاسنة واللين وقول التي هي أحسن والمجادلة بالتي هي أحسن. لأن المخاشنة والعنف مما يوسع الخلاف ويثير العداء والحقد ويدفع إلى العناد والمكابرة. ويغطي على الحق والحقيقة مطلقا. وسواء أكان ذلك في سياق الجدل والمناظرة أو التعامل فيما بين المسلمين وغيرهم أو فيما بين المسلمين أنفسهم.
وقد تكرر هذا الأمر في سور أخرى عديدة مكية ومدنية مما يدل على ما أعارته حكمة التنزيل من عناية له.
وفي كتب التفسير أحاديث متنوعة في صدد ذلك. منها ما ورد في كتب الصحاح، من ذلك حديثان رواهما الترمذي عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال: «لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده موعدة فتخلفه» «٢» و «كفى بك إثما ألا تزال مخاصما» «٣» وحديث رواه الأربعة عن عائشة عن النبي ﷺ قال: «إنّ الله رفيق يحبّ الرّفق ويعطي على الرّفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه» «٤» وحديث رواه أبو داود ومسلم عنها عن النبي ﷺ قال: «يا عائشة ارفقي فإنّ الرّفق لم يكن في شيء إلّا زانه ولا نزع من شيء قطّ إلا شانه» «٥».
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٥٤]
رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (٥٤).

(١) انظر تفسير الآية في ابن كثير والكشاف مثلا.
(٢) المصدر نفسه. [.....]
(٣) المصدر نفسه.
(٤) المصدر نفسه.
(٥) المصدر نفسه.


الصفحة التالية
Icon