وأهم من نفر من العرب يعبدون نفرا من الجن أسلموا. فضلا عن أن إسلامهم لو صحّ هو إخبار غيبي ليس فيه حجة على العرب. ونرى القول أنهم الملائكة هو الأصوب المتساوق مع السياق القريب الذي ذكر فيه عقيدة العرب بأن الملائكة بنات الله وأنهم شركاء مع الله. وكانوا يعبدونهم على سبيل الانتفاع بهم كما حكته آيات عديدة مرّ بعضها.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٥٨ الى ٥٩]
وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (٥٨) وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً (٥٩)
(١) كان ذلك في الكتاب مسطورا: بمعنى أن ما قررته الآية التي وردت فيها الجملة هو سنة الله المستمرة الحتمية التي قضاها منذ الأزل في علمه.
(٢) مبصرة: آية بينة واضحة.
(٣) فظلموا بها: كفروا بها وعتوا على الله وعقروا الناقة.
وفي الآية الأولى تقرير رباني بأنه ما من قرية أو أمّة إلّا سوف تهلك قبل يوم القيامة سواء أكان ذلك بسنة الكون الطبيعية أم بالعذاب الرباني، وأن هذه هي سنة الله التي كانت ولن تزال مقررة في علمه المحيط الأزلي.
وفي الآية الثانية تقرير رباني كذلك بأن الله لم يمتنع عن إظهار الآيات والمعجزات على يد النبي محمد ﷺ إلّا بسبب تكذيب الأمم السابقة لرسلهم وعدم تأثرهم بالمعجزات التي كان يظهرها على أيديهم، كما كان ذلك من ثمود مثلا الذين أظهر الله تعالى لهم الناقة آية من آياته البينة فكفروا بآيات الله ورسوله وظلموا، وأن الله إنما يرسل الآيات لتخويف الناس وإنذارهم حتى يرتدعوا عن ضلالهم وغوايتهم ويسلكوا سبيله القويم.


الصفحة التالية
Icon