هناك رواية تذكر اسم شجرة أخرى كان يقال لها الكشوت، ورواية أن الآية عنت اليهود الذين لعنهم الله في القرآن. غير أن جمهور المفسرين على أنها الزقوم، وقد رووا في أن أبا جهل وغيره من زعماء الكفار قالوا إن محمدا يعدكم بنار تحترق فيها الحجارة ويزعم أنه ينبت فيها شجرة تأكلون منها زقوما. فكان ذلك سببا لاشتدادهم في التكذيب، وأن هذا هو معنى الفتنة التي كانت بسبب الشجرة. وفي سورة الصافات آيات فيها أن الشجرة كانت فتنة للظالمين وهي أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢) إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (٦٣) إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤) طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (٦٥) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٦٦) وقد تكون في الآيات قرينة على صحة الرواية والله أعلم. وقد يكون هناك إشكال في عدم ورود لعن للشجرة في القرآن. وقد علل المفسرون ذلك بتعليلين أحدهما أن وصف الملعونة عائد لآكلها فيكون تقدير الجملة (الشجرة المذكورة في القرآن الملعون آكلوها في القرآن) وقد سبق للشجرة ذكر في سورة الواقعة التي نزلت قبل هذه السورة. وثانيهما أن العرب يصفون كل كريه الطعم بالملعون فيكون تقدير الجملة (الشجرة المذكورة في القرآن الملعونة الطعم) وكلا التعليلين وارد. والله تعالى أعلم.
وننبه على أن الطبري يروي في صدد جملة وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ مفادها أن النبي رأى في منامه بني فلان- وهذه عبارة الطبري- ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات، وأنزل الله الآية. وفي تفسير الخازن والكشاف إيضاح حيث جاء في روايتهما «أن النبي رأى في منامه ولد الحكم بن أمية يتداولون منبره فساءه ذلك» وهذه الرواية تقتضي أن تكون الآية مدنية لأنه لم يكن بني مسجد ومنبر إلا في المدينة. وليس لهذا أي سند ولا مناسبة في سياق في صدد مواقف كفار قريش.
ومنبر النبي ﷺ في مسجده في مدينته هو درجة أو درجتان وحسب. ونحن نعتقد أن الرواية من مصنوعات الشيعة. وفي تفسير الطبرسي الشيعي رواية عن الإمامين أبي جعفر وأبي عبد الله أن الشجرة الملعونة في القرآن هي بني أمية، والهوى الحزبي والتعسف بارزان على هذه الروايات شأن كثير مما يرويه مفسرو الشيعة.