يكررون هذه الأقوال في كل موقف ومناسبة، فاقتضت حكمة التنزيل تكرار حكايتها للرد عليها وتسفيهها.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٣ الى ٦]
ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً (٣) وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (٤) فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً (٥) ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (٦)
. (١) اختلاف الليل والنهار: بمعنى تعاقبهما واحد بعد آخر.
في الآيات شرح لموجبات استحقاق الله وحده للعبادة والخضوع والدعوة إليه، وبيان مصير كل الذين يؤمنون برسالة الرجل الذي أرسل إليهم ويعملون الصالحات، وكل الذين يكفرون بها بعد الإنذار والتبشير.
فالله هو رب الناس الحقيقيّ الذي خلق السموات والأرض والقمر والشمس والليل والنهار بإحكام وإتقان، ويسرها لا نتفاعهم بها، وجعل في كل خلق من خلقه آية على قدرته وعظمته وانفراده في تدبير الكون وتصرفه المطلق فيه وصيرورة الناس إليه جميعا وهو الذي خلقهم أول مرة والقادر على إعادة خلقهم ثانية.
فعليهم أن يفكروا ويتدبروا ليظهر لهم ذلك واضحا وليعبدوا الله وحده. ولسوف يصيرون إليه لتحقيق وعده الحق القاضي بمحاسبتهم على أعمالهم وتكريم المؤمنين الصالحين وعقاب الكافرين بالعذاب الأليم والشراب الشديد الحرارة جزاء كفرهم.