الصادرة عنه، وإنه لا يقدم على هذا إلا المجرمون الذين لن يفلحوا.
وقد يتبادر أن التقرير المنطوي في الآية الأخيرة وارد بالنسبة إلى النبي ﷺ من ناحية وإلى المجرمين من ناحية أخرى في وقت واحد. وبالنسبة إلى النبي ﷺ فإنه ينطوي على تبرئته من أي احتمال للكذب على الله تعالى فيما يبلغه والله أعلم.
تعليق على قول الكفار ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ وجواب القرآن عليه
روى بعض المفسرين «١» أن خمسة من رجالات قريش جاؤوا إلى النبي ﷺ فطلبوا منه الإتيان بقرآن ليس فيه تسفيه لعقولهم وحملة على آلهتهم وتبديل لهجته إذا كان يريد أن يستجيبوا له أو يسكتوا عنه، ويدعوه وشأنه فأنزل الله الآيات على سبيل حكاية قولهم والرد عليه. وفحوى الآيات يسوغ القول حقا أنها في صدد مشهد مثل هذا المشهد. وبكلمة ثانية يجعل الرواية محتملة الصحة ولو لم ترد في كتب الأحاديث الصحيحة. غير أن عطف الآيات على ما قبلها وورود تعبير لا يَرْجُونَ لِقاءَنا الذي تكرر وروده في الآيات السابقة يجعلاننا نرى في الآيات استمرارا للسياق. ونرجح أن المشهد كان قبل نزولها. فحكته الآيات في جملة ما حكاه السياق من مواقف الجاحدين بل إن خطورة المشهد الذي حكته يجعلنا نرجح أن السياق منذ بدء السورة هو تمهيد وتوطئة لحكايته.
ولقد احتوت سورة الإسراء السابقة لهذه السورة في ترتيب النزول آيات ذكرت أن الكفار كادوا يفتنون النبي ﷺ عما أنزل عليه ليفتري على الله غيره على ما شرحناه في سياقها. فليس بعيدا أن يكون الموقف والمطلب واحدا ولا سيما إن سورة يونس نزلت بعد سورة الإسراء على ما روته الروايات وقامت عليه القرائن أو أن يكون الكفار عادوا فألحوا فيما طلبوه فكان هذا المشهد الذي نزلت الآيات به.