وصف به إبراهيم عليه السلام في آيات كثيرة منها هذه الآية: ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧) آل عمران [٦٧] وقد وصفت ملة الأنبياء بالأمة الواحدة كما جاء في آية سورة الأنبياء هذه: إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢) بعد سلسلة ذكر فيها طائفة من الأنبياء ونوّه بما كان من إخلاصهم وإسلامهم أنفسهم لله. وجاء بعد هذه الآية آية تشير إلى اختلاف الناس في الطريقة الدينية بعد كل نبي وهي هذه: وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ (٩٣). وفي سورة المؤمنون آيات مماثلة جاءت في أعقاب سلسلة مماثلة وهي: وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣).
ومن المفسرين من أوّل ذلك أيضا بالملة الدينية مع تحديد ملة إبراهيم عليه السلام الحنيفية وقال إن العرب كانوا في الأصل على هذه الملة فانحرفوا عنها إلى الشرك والوثنية وهو معنى الاختلاف «١».
ومنهم «٢» من أوّل معنى الأمة الواحدة واختلاف الناس بفطرة ارتباط الناس ببعضهم وحياتهم الاجتماعية، فهم من هذه الناحية أمة واحدة.
واختلافهم في مختلف الشؤون الدينية وغير الدينية طبيعي تبعا لما بينهم من تفاوت في القوى العقلية والدينية. واستشهد على ذلك بآية سورة البقرة هذه: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢١٣) مع أن الاختلاف المذكور في الآية هو الاختلاف في الدين على ما تلهمه روحها.
(٢) انظر تفسير الآيتين المذكورتين في تفسير المنار للسيد رشيد رضا.